Sponsor

  • الوجود كلّه ليس سوى مسرح تتناوب فيه كائنات الضوء والظلام. ليسا مجرّد ظاهرتين طبيعيتين، بل مبدأان كونيان يعملان على كل شيء: على الحجر والشجر، على الإنسان والفكرة، على اللغة والذاكرة.

    الضوء هو فعل الكشف: هو ما يجعل العالم قابلاً لأن يُرى، قابلاً لأن يُفهم. من دونه لا معنى لشيء، لأن الأشياء ستبقى غارقة في صمتها. لكن لو كان العالم ضوءاً محضاً، لتحوّل إلى عُريّ قاتل: كل شيء واضح، كل شيء مكشوف، فلا غموض، ولا سر، ولا احتمالات.

    أما الظلام فهو فعل التضميد والستر: هو ما يمنح الأشياء عمقها، وما يعطي للإنسان فرصة أن يحلم، أن يتخيّل، أن ينسى. من دونه لا راحة، ولا تخفّي، ولا إمكان للحلم. لكن لو كان الوجود ظلاماً صرفاً، لما كان هناك إدراك ولا معرفة ولا تمييز، بل صمت مطلق يُشبه الموت.

    الوجود إذن ليس ضوءاً وحده ولا ظلاماً وحده، بل هو التوتر الخلّاق بين الاثنين: الكشف والستر، الحضور والغياب، التذكّر والنسيان. في هذا التوتر تنبثق كل حياة، وكل وعي، وكل معنى.

    الإنسان نفسه ليس سوى صورة لهذا التمازج: عيناه تسعيان دائماً وراء الضوء لتعرف، لكن قلبه يحتاج إلى الظلام ليبقى قادراً على الاحتمال. ذاكرته تُشقّ بالضوء، ثم تُرمَّم بالظلام. وجوده يتأرجح بين الرغبة في الحقيقة والرغبة في الحلم.

    لهذا نقول: الضوء والظلام ليسا عدوّين، بل هما زوجان كونيان، يولدان معاً، ويفنيان معاً، ويصنعان من هذا التعاقب معنى الوجود نفسه.
    الوجود كلّه ليس سوى مسرح تتناوب فيه كائنات الضوء والظلام. ليسا مجرّد ظاهرتين طبيعيتين، بل مبدأان كونيان يعملان على كل شيء: على الحجر والشجر، على الإنسان والفكرة، على اللغة والذاكرة. الضوء هو فعل الكشف: هو ما يجعل العالم قابلاً لأن يُرى، قابلاً لأن يُفهم. من دونه لا معنى لشيء، لأن الأشياء ستبقى غارقة في صمتها. لكن لو كان العالم ضوءاً محضاً، لتحوّل إلى عُريّ قاتل: كل شيء واضح، كل شيء مكشوف، فلا غموض، ولا سر، ولا احتمالات. أما الظلام فهو فعل التضميد والستر: هو ما يمنح الأشياء عمقها، وما يعطي للإنسان فرصة أن يحلم، أن يتخيّل، أن ينسى. من دونه لا راحة، ولا تخفّي، ولا إمكان للحلم. لكن لو كان الوجود ظلاماً صرفاً، لما كان هناك إدراك ولا معرفة ولا تمييز، بل صمت مطلق يُشبه الموت. الوجود إذن ليس ضوءاً وحده ولا ظلاماً وحده، بل هو التوتر الخلّاق بين الاثنين: الكشف والستر، الحضور والغياب، التذكّر والنسيان. في هذا التوتر تنبثق كل حياة، وكل وعي، وكل معنى. الإنسان نفسه ليس سوى صورة لهذا التمازج: عيناه تسعيان دائماً وراء الضوء لتعرف، لكن قلبه يحتاج إلى الظلام ليبقى قادراً على الاحتمال. ذاكرته تُشقّ بالضوء، ثم تُرمَّم بالظلام. وجوده يتأرجح بين الرغبة في الحقيقة والرغبة في الحلم. لهذا نقول: الضوء والظلام ليسا عدوّين، بل هما زوجان كونيان، يولدان معاً، ويفنيان معاً، ويصنعان من هذا التعاقب معنى الوجود نفسه.
    Love
    1
    0 Reacties 0 aandelen 0 voorbeeld
  • في البدء، حين لم تكن الدنيا قد استقرت على لون، وكانت الأرواح تنزلق بين أعمدة النور وظلال الطين، أُعطي الإنسان ميزاناً لا يُرى، محفوظاً في خزائن النور، تحرسه ملائكة تتنفس الصدق وتغتسل بماء السر الأول. أُمر أن يكون أميناً عليه، أن لا يطغى حين يُؤتمن، وأن لا يظلم حين يُبتلى. فكان أول خيانته يوم سمع الهمس الآتي من كهوف الرغبة، من حيث تسكن كائنات تعوي في الظلام وتخفي وجوهها خلف أقنعة المعنى.

    تقدّم إليه واحد من أولئك الممسوسين بحمى التغيير، مقنّعاً بصوت يشبه صوت الأنبياء، وله لسان من نارٍ وحبر، وقال له: العدالة لا تسكن القلب، بل تتخذ عرشها في قاعة السلطان، ومن يملك المفاتيح يملك النور. فاستلّ الإنسان روحه ووضعها رهناً عند بوابة الفكرة، وسلم مفاتيح الميزان إلى حُجّابٍ لا يعرفون غير لغة الحديد والرقم. ومنذ ذلك اليوم، لم تعد الأمانة وِرداً يُتلى في صحارى الأتقياء، بل سلعة يُساوم عليها في أسواق الجنون.

    اختل الميزان حين نسيت الأرواح أنها كانت نوراً، وتحولت إلى أرقام في دفاتر تُديرها أشباح لا جسد لها، تمشي على الأرض بوجوه البشر وقلوب من رماد. وتراكم الوهم حتى صار عقيدة، وسُميت القيود تحريراً، والفقر طهراً، والاستعباد نظماً. كانت الفكرة تنمو في الظل مثل نباتٍ سام، تسقيها دموع الطيبين الذين أُقنعوا أن الخلاص لا يأتي من الداخل، بل من هندسة الخارج، من ترتيب الطاولات، لا من ارتجاف القلب حين يرى ظل مظلوم.

    كل شيء صار يُقاس، حتى الصدق، حتى الحب، حتى الدموع، حتى العدل. لم تعد الأرواح تُوزَن بخفتها، بل بثقلها على الأرض، بثقلها في دفاتر الجرد. وصار الإنسان يتباهى بموضعه في سلم لا يرى نهايته، وكلما صعد درجة نسي ظلاً خلفه يبكي، نسي ضوءاً كان يرعاه حين كان لا يملك إلا قلباً يخاف الله.

    ضاع المعنى لأنهم اختزلوا العالم في حكاية واحدة، حكاية مشروخة لا تنبت زهراً ولا تحفظ عهداً. قالوا له: لا تنظر إلى السماء، السماء خديعة، والملائكة وهمٌ من أساطير الرعاة. فصدقهم، وأدار ظهره للضوء، وظن أن النور ينبعث من مصنع، من آلة، من مؤتمر. وكان كل ما فعله أنه فتح الباب لوحشٍ أضخم، رأسمال له ألف فم وألف يد، يمتص الحليب من أثداء الأرامل ويحول أنفاس الأطفال إلى وقود.

    صار الإنسان رقماً، صورة، ترميزاً، رأياً يُباع، وصوتاً يُؤجر، وصرخةً تُعاد بثها وفق توقيت السوق. لم تعد له ذات، بل واجهة. لم تعد له كرامة، بل تقييم. لم يعد يبحث عن العدالة، بل عن دور في المسرحية. إنه الآن يبتسم وهو يُذبح، ويصفق وهو يُباع، ويكتب شعراً عن الحرية وهو في قفص ذهبي لا يرى قضبانه إلا من خلال المرآة.

    تلك الأرواح الطيبة التي كانت تتنزه في السحر وتمسح جباه الأولياء بالسكينة، هجرت الأرض. صعدت، أو اختبأت. وما بقي سوى العفاريت، تسكن الكلمات وتوسوس للعقول، وما بقي سوى الهياكل، تمشي باسم الإنسان ولا تحمل من روحه سوى رائحة قديمة، تتلاشى.

    الميزان ما عاد بين يديه، الأمانة ما عادت في قلبه، العدل ما عاد يقيم في أرضه. فهل آن له أن يصحو؟ أم أنه اختار أن يظل غافلاً، يرقص على صدى تعاويذ باهتة، حتى يُسحب في صمت إلى حيث لا معنى، ولا روح، ولا قيامة؟
    في البدء، حين لم تكن الدنيا قد استقرت على لون، وكانت الأرواح تنزلق بين أعمدة النور وظلال الطين، أُعطي الإنسان ميزاناً لا يُرى، محفوظاً في خزائن النور، تحرسه ملائكة تتنفس الصدق وتغتسل بماء السر الأول. أُمر أن يكون أميناً عليه، أن لا يطغى حين يُؤتمن، وأن لا يظلم حين يُبتلى. فكان أول خيانته يوم سمع الهمس الآتي من كهوف الرغبة، من حيث تسكن كائنات تعوي في الظلام وتخفي وجوهها خلف أقنعة المعنى. تقدّم إليه واحد من أولئك الممسوسين بحمى التغيير، مقنّعاً بصوت يشبه صوت الأنبياء، وله لسان من نارٍ وحبر، وقال له: العدالة لا تسكن القلب، بل تتخذ عرشها في قاعة السلطان، ومن يملك المفاتيح يملك النور. فاستلّ الإنسان روحه ووضعها رهناً عند بوابة الفكرة، وسلم مفاتيح الميزان إلى حُجّابٍ لا يعرفون غير لغة الحديد والرقم. ومنذ ذلك اليوم، لم تعد الأمانة وِرداً يُتلى في صحارى الأتقياء، بل سلعة يُساوم عليها في أسواق الجنون. اختل الميزان حين نسيت الأرواح أنها كانت نوراً، وتحولت إلى أرقام في دفاتر تُديرها أشباح لا جسد لها، تمشي على الأرض بوجوه البشر وقلوب من رماد. وتراكم الوهم حتى صار عقيدة، وسُميت القيود تحريراً، والفقر طهراً، والاستعباد نظماً. كانت الفكرة تنمو في الظل مثل نباتٍ سام، تسقيها دموع الطيبين الذين أُقنعوا أن الخلاص لا يأتي من الداخل، بل من هندسة الخارج، من ترتيب الطاولات، لا من ارتجاف القلب حين يرى ظل مظلوم. كل شيء صار يُقاس، حتى الصدق، حتى الحب، حتى الدموع، حتى العدل. لم تعد الأرواح تُوزَن بخفتها، بل بثقلها على الأرض، بثقلها في دفاتر الجرد. وصار الإنسان يتباهى بموضعه في سلم لا يرى نهايته، وكلما صعد درجة نسي ظلاً خلفه يبكي، نسي ضوءاً كان يرعاه حين كان لا يملك إلا قلباً يخاف الله. ضاع المعنى لأنهم اختزلوا العالم في حكاية واحدة، حكاية مشروخة لا تنبت زهراً ولا تحفظ عهداً. قالوا له: لا تنظر إلى السماء، السماء خديعة، والملائكة وهمٌ من أساطير الرعاة. فصدقهم، وأدار ظهره للضوء، وظن أن النور ينبعث من مصنع، من آلة، من مؤتمر. وكان كل ما فعله أنه فتح الباب لوحشٍ أضخم، رأسمال له ألف فم وألف يد، يمتص الحليب من أثداء الأرامل ويحول أنفاس الأطفال إلى وقود. صار الإنسان رقماً، صورة، ترميزاً، رأياً يُباع، وصوتاً يُؤجر، وصرخةً تُعاد بثها وفق توقيت السوق. لم تعد له ذات، بل واجهة. لم تعد له كرامة، بل تقييم. لم يعد يبحث عن العدالة، بل عن دور في المسرحية. إنه الآن يبتسم وهو يُذبح، ويصفق وهو يُباع، ويكتب شعراً عن الحرية وهو في قفص ذهبي لا يرى قضبانه إلا من خلال المرآة. تلك الأرواح الطيبة التي كانت تتنزه في السحر وتمسح جباه الأولياء بالسكينة، هجرت الأرض. صعدت، أو اختبأت. وما بقي سوى العفاريت، تسكن الكلمات وتوسوس للعقول، وما بقي سوى الهياكل، تمشي باسم الإنسان ولا تحمل من روحه سوى رائحة قديمة، تتلاشى. الميزان ما عاد بين يديه، الأمانة ما عادت في قلبه، العدل ما عاد يقيم في أرضه. فهل آن له أن يصحو؟ أم أنه اختار أن يظل غافلاً، يرقص على صدى تعاويذ باهتة، حتى يُسحب في صمت إلى حيث لا معنى، ولا روح، ولا قيامة؟
    0 Reacties 0 aandelen 0 voorbeeld
  • في عالم مزقته العواصف الخفية، حيث احترقت الخرائط واختلطت أنفاس الجن بالأتقياء، لا تزال هناك شرارة صغيرة، تختبئ تحت رماد الزمن، تهمس بأن الإنسان لم يُخلق ليتحول إلى ترس في آلة، ولا سلعة على رف، بل ليكون ميزاناً حيّاً، يمشي على الأرض بالعدل، وتتنفس من خلاله الأرواح الطاهرة صدقها في الوجود.

    الإنسان المطلوب ليس كائناً مثالياً يتكلم بلغة الملائكة، ولا ولياً متنسكاً في الكهوف بعيداً عن همّ الخلق، بل هو من عبر الغابة الملعونة التي امتلأت بأصوات الأفكار المسمومة، ولم يسمح لها أن تستوطن قلبه. هو من سمع تعاويذ السوق، وشاهد سحر السلطة، لكنه لم يركع، بل حمل في داخله مرآةً صافية يرى بها وجه الحق وسط الضباب.

    ليس المطلوب أن يعود إلى زمن الأوهام، بل أن يتجاوزها، أن يُعيد للمعنى مكانته، للرحمة قوتها، وللعدل قدسيته. أن يفهم أن الأمانة ليست شيئاً يُحتفظ به في صندوق، بل حركة، موقف، ارتجافة في النفس حين تميل الكفة، واستقامة تُعيدها بلا ضجيج. هو إنسان يعرف أن العدل لا يسكن الوثائق، بل القلوب، وأن القانون بلا ضمير خادمٌ لغير الحق، ولو غلّفته اللغة الذهبية.

    هذا الإنسان لا يُبنى بالخطب ولا يُخلّق في مصانع التعليم المعلّب، بل يُستدعى من أعماق الذاكرة الأولى، حين كانت الأرواح تتعلم من نورها، وتزن الأمور بميزان الخشية والمحبة، لا بمقاييس الربح والخسارة. يُبنى حين تتربى النفس على السكون في وجه الغرور، وعلى الثورة في وجه الظلم، وعلى أن يكون لفعله معنى يتجاوز البصر.

    إنه إنسان يرى الآخر مرآةً لا سُلّماً، يسمع أنين الأرض ويشعر به، لا يمرّ عليه مرور التجار، بل يحنو كوليّ يعرف أن كل ظلم يهتز له ميزان في السماء، وكل عدلٍ، وإن خفي، تُدوّنه ملائكة لا تنام.

    إنه من يزرع في السوق الصاخبة نخلةً، لا لتربح، بل لتظلّل، ومن يمد يده وسط الجنون لا ليُسيطر، بل ليهدي، ومن يكتب لا ليُقنع، بل ليُذكّر، ومن يبني لا ليعلو، بل ليُؤوي الضعفاء.

    هذا الإنسان لا ينتظر نبيّاً، ولا يتعبد في حضرة فكرة، بل يصغي لصوت خافت في داخله يقول له: كن ميزاناً، تكن نوراً. كن أمانة، يكن لك الخلود.

    فالعالم لا يحتاج المزيد من العقول المتكاثرة، بل الأرواح التي تعي،
    ولا المزيد من الكلمات، بل من الصمت الذي يفهم،
    ولا المزيد من الهياكل، بل من الوجوه التي تعكس وجهاً واحداً:
    وجه العدل حين يبتسم من غير خوف،
    ووجه الحق حين يُقال ولو أمام جنيٍّ يتوشّح بذهب السلطان.

    ذاك هو الإنسان المطلوب...
    إنسانٌ، كلما مشت قدماه على التراب،
    أزهرت الأرض من حوله،
    وسكنت الملائكة قليلاً،
    لترى كيف يكون العدل حين يمشي
    في عالم مزقته العواصف الخفية، حيث احترقت الخرائط واختلطت أنفاس الجن بالأتقياء، لا تزال هناك شرارة صغيرة، تختبئ تحت رماد الزمن، تهمس بأن الإنسان لم يُخلق ليتحول إلى ترس في آلة، ولا سلعة على رف، بل ليكون ميزاناً حيّاً، يمشي على الأرض بالعدل، وتتنفس من خلاله الأرواح الطاهرة صدقها في الوجود. الإنسان المطلوب ليس كائناً مثالياً يتكلم بلغة الملائكة، ولا ولياً متنسكاً في الكهوف بعيداً عن همّ الخلق، بل هو من عبر الغابة الملعونة التي امتلأت بأصوات الأفكار المسمومة، ولم يسمح لها أن تستوطن قلبه. هو من سمع تعاويذ السوق، وشاهد سحر السلطة، لكنه لم يركع، بل حمل في داخله مرآةً صافية يرى بها وجه الحق وسط الضباب. ليس المطلوب أن يعود إلى زمن الأوهام، بل أن يتجاوزها، أن يُعيد للمعنى مكانته، للرحمة قوتها، وللعدل قدسيته. أن يفهم أن الأمانة ليست شيئاً يُحتفظ به في صندوق، بل حركة، موقف، ارتجافة في النفس حين تميل الكفة، واستقامة تُعيدها بلا ضجيج. هو إنسان يعرف أن العدل لا يسكن الوثائق، بل القلوب، وأن القانون بلا ضمير خادمٌ لغير الحق، ولو غلّفته اللغة الذهبية. هذا الإنسان لا يُبنى بالخطب ولا يُخلّق في مصانع التعليم المعلّب، بل يُستدعى من أعماق الذاكرة الأولى، حين كانت الأرواح تتعلم من نورها، وتزن الأمور بميزان الخشية والمحبة، لا بمقاييس الربح والخسارة. يُبنى حين تتربى النفس على السكون في وجه الغرور، وعلى الثورة في وجه الظلم، وعلى أن يكون لفعله معنى يتجاوز البصر. إنه إنسان يرى الآخر مرآةً لا سُلّماً، يسمع أنين الأرض ويشعر به، لا يمرّ عليه مرور التجار، بل يحنو كوليّ يعرف أن كل ظلم يهتز له ميزان في السماء، وكل عدلٍ، وإن خفي، تُدوّنه ملائكة لا تنام. إنه من يزرع في السوق الصاخبة نخلةً، لا لتربح، بل لتظلّل، ومن يمد يده وسط الجنون لا ليُسيطر، بل ليهدي، ومن يكتب لا ليُقنع، بل ليُذكّر، ومن يبني لا ليعلو، بل ليُؤوي الضعفاء. هذا الإنسان لا ينتظر نبيّاً، ولا يتعبد في حضرة فكرة، بل يصغي لصوت خافت في داخله يقول له: كن ميزاناً، تكن نوراً. كن أمانة، يكن لك الخلود. فالعالم لا يحتاج المزيد من العقول المتكاثرة، بل الأرواح التي تعي، ولا المزيد من الكلمات، بل من الصمت الذي يفهم، ولا المزيد من الهياكل، بل من الوجوه التي تعكس وجهاً واحداً: وجه العدل حين يبتسم من غير خوف، ووجه الحق حين يُقال ولو أمام جنيٍّ يتوشّح بذهب السلطان. ذاك هو الإنسان المطلوب... إنسانٌ، كلما مشت قدماه على التراب، أزهرت الأرض من حوله، وسكنت الملائكة قليلاً، لترى كيف يكون العدل حين يمشي
    Love
    1
    0 Reacties 0 aandelen 0 voorbeeld
  • بسم الله
    بسم الله
    0 Reacties 0 aandelen 0 voorbeeld
  • بسم الله
    بسم الله
    0 Reacties 0 aandelen 0 voorbeeld
Sponsor
Sponsor
I-Salers https://salers.inezgane.store