إعلان مُمول

حين اِحتدّ الشجار بيننا - أنا و زوجي - جمعت ملابسي في حقيبة صغيرة وذهبت إلى بيت أبي غاضبة ، خاصةً أن تلك المرة لا مجال بيننا للنقاش...
أصبح كثير الإنفعال في الآونة الأخيرة ، يغضب دون سبب ويتشاجر على أصغر الأسباب ، وتدريجيًا بدأ يُحال إلى آخر لا أعرفه...
وصل بنا الأمر للتفكير في الانفصال ، الحياة معًا بهذه الطريقة أشبه بالمستحيل !

قالت لي ابنة خالي :
" جيد أنكِ تركتِ له المنزل ، لا تعودي له ابدًا سيعيد كرّته إن عدتِ "

وأخبرتني ابنة عمّتي :
" أنتِ قوية ، لا تتراجعي في قرارك ، العالم مليئ بالرجال ستجدين أفضل منه ألف مرة "

وهمست لي زوجة عمّي:
" دعكِ منه ، ما زادنا الرجال إلّا همًا "

وقالت ابنة خالتي أثناء الحديث
" هذا لأنه ضمن وجودكِ معه ، اتركيه واجعليه يشعر بالندم "

لم أكُن أنوي إخبار أحد بخصوص شجارنا حين أتيت لمنزل أبي ، قلت لهم بأنها " زيارة " وسيأتي يوسف من بعدي...

ولكن حين قابل يوسف أمي وهي بصُحبة زوجة خالي ، أخبرها بالأمر ظنًا منه بأنني أخبرتها به منذ أتيت...

أخبرت زوجة خالي ابنتها بما حدث ، وابنتها أخبرت ابنة عمّي ، وابنة عمّي أخبرت زوجة عمّي ، وزوجة عمّي أخبرت عمّي ، وبالطبع لم يتردد عمّي في إخبار جدّتي بالأمر ، وبكل تأكيد لن ننسى خالتي وجدّي وابنة خالتي وزوجها والخالة" أمينة " بائعة الليمون و "عم أحمد " بائع الفاكهة و"حنان " تاجرة الملابس و" أبو كريم " صاحب المخبز و " أم ياسر " جارتنا ، هناك فتى صغير يجلس عند باب المسجد في الشارع المقابل لم يعلم بعد ، مِسكين فاته الأمر !

الفجوة بيننا بدأت تتسع بمرور الوقت ، وبتدخل الأقارب من الطرفين أصبح أمر عودتنا مُحال ، أغلقت الغرفة وجلست على الفراش وجُملة أمي تتردد في أذني :
" لا تدعِي ما بينكما يحترق ، كوني صمّاء حين يتحدث العالم وانصتي إلى قلبك "

يوسف زوجي وصديقي ، وجه الحياة الأبيض ، رغم مرّات شجارنا التي لا تُعد - استطعنا تجاوزها جميعها -

يصلح أحدٌ منا الأمر في النهاية...
يوسف رجل يُعتمد عليه ، يعرف إلى أين تسير أفكاري ، لذا لا أتكلف بالشرح أو التوضيح...

لا أعلم ما الذي يحدث بيننا الآن ، كلام أقاربي جعلني في ثورة ، كنت أعلم أن نهايتها انفصالنا لأنني على حق ، وفجأة خمدت الثورة حين جلست أمي بجانبي ليلًا وقالت :

" تهون الحياة مع رجل هين لين ، سلِي الله رحمةً تلين قلبيكما وتصلح ما بينكما ، كلانا يعلم بأنّ يوسف يحبكِ ، اتركي النافذة مفتوحة ربما أتاكِ منها "

أمسكت هاتفي دون تفكير وكتبت له رسالة :
" لا تدع الغضب يفسد ما بيننا "

حذفتها وكتبت :
" لا تتركني لنفسي ، حاول لأجلي ، اجعلني أشعر بأنني أستحق "

حذفتها بسرعة حين كدت أرسلها بدافع الحنين ، مسحت شاشة الهاتف حين ابتلّت بدموعي ، كتبت :

" خمسة عشر يومًا يا يوسف ؟ خمسة عشر يومًا وأنا وأنت في غُربة ، أردت إخبارك - رغم معرفتك التامة - أنني أحبك ، ما زلت أحبك وأرغب في العودة إليك ، لكن يمنعني سبب مجهول وشعور بأنك لا ترغب في المحاولة لأجلي وبأنني لا أستحق...."

لم أكمل الكتابة حين أرسل لي " يوسف " رسالة...

انتفض قلبي بمجرد رؤية النقطة الخضراء بجانب اسمه في الأعلى - دلالة على أنه متصل بالإنترنت الآن"

" خمسة عشر يومًا يا سلمى ؟ خمسة عشر يومًا وروحكِ غائبة عن المنزل ، عن الصباح وكوب الشاي ، عن الشرفة والأرجوحة الصغيرة في زاوية الغرفة ، عن أحاديث كانت لتُروى لو كنتِ هنا ، أعلم أنني أخطأت ، ولكن أعلم أيضًا أن ما بيننا لا يزول ولو مرّ عليه ألف عام ، وأعلم أنكِ كتبتِ إليّ رسالة ربما كان مصيرها الحذف في النهاية ، لا أعلم إن كان الاعتذار كافيًا تلك المرة ولكن أعتذر لأنني تركتكِ تغادرين ، لن أعدكِ بأننا لن نتشاجر مجددًا ولكن أعدكِ بأنني لن أترككِ تخرجين من منزلنا غاضبة ، أعدكِ بأن ما بيننا سيظل بيننا ولن يتعدّى أعتاب غرفتنا "

أرسل رسالة أخرى :
" أرسلت إليكِ الرسالة لا لشئ سوى أنني أردت معرفة خطوات الدجاج بالبطاطس والأرز !"

مسحت دموعي وسألته ضاحكةً بخفوت :
- أين أنت؟
- هُنا
عقدت حاجبيّ بإستغراب وسألته - هنا أين؟

فتح باب الغرفة و أطلّ برأسه :
- هنا تحديدًا ، من الجيد أنكِ سألتِ ، أنا أمام غرفتكِ منذ سبعة عشر دقيقة بالتحديد أفكر كيف سأبدأ الحديث معكِ

قمت من على الفراش بسرعة واتّجهت إليه لأقف أمامه :
- أتيت؟
- لأجلكِ
- أنا غاضبة منك ، حقًا غاضبة ، لن أسامحك ولن أعود معك ابدًا ، أنا غاضبة جدًا و....... !

حاوطني بذراعيه وقاطعني هامسًا :
- لنتعانق وننسى كل شئ حتى الدقيقة الحالية ، لنبدأ من جديد كأول مرة التقينا بها .
- وأحبك .
ابتسم - أنعُود للمنزل؟
- لنعود للمنزل

ميار طلعت.
حين اِحتدّ الشجار بيننا - أنا و زوجي - جمعت ملابسي في حقيبة صغيرة وذهبت إلى بيت أبي غاضبة ، خاصةً أن تلك المرة لا مجال بيننا للنقاش... أصبح كثير الإنفعال في الآونة الأخيرة ، يغضب دون سبب ويتشاجر على أصغر الأسباب ، وتدريجيًا بدأ يُحال إلى آخر لا أعرفه... وصل بنا الأمر للتفكير في الانفصال ، الحياة معًا بهذه الطريقة أشبه بالمستحيل ! قالت لي ابنة خالي : " جيد أنكِ تركتِ له المنزل ، لا تعودي له ابدًا سيعيد كرّته إن عدتِ " وأخبرتني ابنة عمّتي : " أنتِ قوية ، لا تتراجعي في قرارك ، العالم مليئ بالرجال ستجدين أفضل منه ألف مرة " وهمست لي زوجة عمّي: " دعكِ منه ، ما زادنا الرجال إلّا همًا " وقالت ابنة خالتي أثناء الحديث " هذا لأنه ضمن وجودكِ معه ، اتركيه واجعليه يشعر بالندم " لم أكُن أنوي إخبار أحد بخصوص شجارنا حين أتيت لمنزل أبي ، قلت لهم بأنها " زيارة " وسيأتي يوسف من بعدي... ولكن حين قابل يوسف أمي وهي بصُحبة زوجة خالي ، أخبرها بالأمر ظنًا منه بأنني أخبرتها به منذ أتيت... أخبرت زوجة خالي ابنتها بما حدث ، وابنتها أخبرت ابنة عمّي ، وابنة عمّي أخبرت زوجة عمّي ، وزوجة عمّي أخبرت عمّي ، وبالطبع لم يتردد عمّي في إخبار جدّتي بالأمر ، وبكل تأكيد لن ننسى خالتي وجدّي وابنة خالتي وزوجها والخالة" أمينة " بائعة الليمون و "عم أحمد " بائع الفاكهة و"حنان " تاجرة الملابس و" أبو كريم " صاحب المخبز و " أم ياسر " جارتنا ، هناك فتى صغير يجلس عند باب المسجد في الشارع المقابل لم يعلم بعد ، مِسكين فاته الأمر ! الفجوة بيننا بدأت تتسع بمرور الوقت ، وبتدخل الأقارب من الطرفين أصبح أمر عودتنا مُحال ، أغلقت الغرفة وجلست على الفراش وجُملة أمي تتردد في أذني : " لا تدعِي ما بينكما يحترق ، كوني صمّاء حين يتحدث العالم وانصتي إلى قلبك " يوسف زوجي وصديقي ، وجه الحياة الأبيض ، رغم مرّات شجارنا التي لا تُعد - استطعنا تجاوزها جميعها - يصلح أحدٌ منا الأمر في النهاية... يوسف رجل يُعتمد عليه ، يعرف إلى أين تسير أفكاري ، لذا لا أتكلف بالشرح أو التوضيح... لا أعلم ما الذي يحدث بيننا الآن ، كلام أقاربي جعلني في ثورة ، كنت أعلم أن نهايتها انفصالنا لأنني على حق ، وفجأة خمدت الثورة حين جلست أمي بجانبي ليلًا وقالت : " تهون الحياة مع رجل هين لين ، سلِي الله رحمةً تلين قلبيكما وتصلح ما بينكما ، كلانا يعلم بأنّ يوسف يحبكِ ، اتركي النافذة مفتوحة ربما أتاكِ منها " أمسكت هاتفي دون تفكير وكتبت له رسالة : " لا تدع الغضب يفسد ما بيننا " حذفتها وكتبت : " لا تتركني لنفسي ، حاول لأجلي ، اجعلني أشعر بأنني أستحق " حذفتها بسرعة حين كدت أرسلها بدافع الحنين ، مسحت شاشة الهاتف حين ابتلّت بدموعي ، كتبت : " خمسة عشر يومًا يا يوسف ؟ خمسة عشر يومًا وأنا وأنت في غُربة ، أردت إخبارك - رغم معرفتك التامة - أنني أحبك ، ما زلت أحبك وأرغب في العودة إليك ، لكن يمنعني سبب مجهول وشعور بأنك لا ترغب في المحاولة لأجلي وبأنني لا أستحق...." لم أكمل الكتابة حين أرسل لي " يوسف " رسالة... انتفض قلبي بمجرد رؤية النقطة الخضراء بجانب اسمه في الأعلى - دلالة على أنه متصل بالإنترنت الآن" " خمسة عشر يومًا يا سلمى ؟ خمسة عشر يومًا وروحكِ غائبة عن المنزل ، عن الصباح وكوب الشاي ، عن الشرفة والأرجوحة الصغيرة في زاوية الغرفة ، عن أحاديث كانت لتُروى لو كنتِ هنا ، أعلم أنني أخطأت ، ولكن أعلم أيضًا أن ما بيننا لا يزول ولو مرّ عليه ألف عام ، وأعلم أنكِ كتبتِ إليّ رسالة ربما كان مصيرها الحذف في النهاية ، لا أعلم إن كان الاعتذار كافيًا تلك المرة ولكن أعتذر لأنني تركتكِ تغادرين ، لن أعدكِ بأننا لن نتشاجر مجددًا ولكن أعدكِ بأنني لن أترككِ تخرجين من منزلنا غاضبة ، أعدكِ بأن ما بيننا سيظل بيننا ولن يتعدّى أعتاب غرفتنا " أرسل رسالة أخرى : " أرسلت إليكِ الرسالة لا لشئ سوى أنني أردت معرفة خطوات الدجاج بالبطاطس والأرز !" مسحت دموعي وسألته ضاحكةً بخفوت : - أين أنت؟ - هُنا عقدت حاجبيّ بإستغراب وسألته - هنا أين؟ فتح باب الغرفة و أطلّ برأسه : - هنا تحديدًا ، من الجيد أنكِ سألتِ ، أنا أمام غرفتكِ منذ سبعة عشر دقيقة بالتحديد أفكر كيف سأبدأ الحديث معكِ قمت من على الفراش بسرعة واتّجهت إليه لأقف أمامه : - أتيت؟ - لأجلكِ - أنا غاضبة منك ، حقًا غاضبة ، لن أسامحك ولن أعود معك ابدًا ، أنا غاضبة جدًا و....... ! حاوطني بذراعيه وقاطعني هامسًا : - لنتعانق وننسى كل شئ حتى الدقيقة الحالية ، لنبدأ من جديد كأول مرة التقينا بها . - وأحبك . ابتسم - أنعُود للمنزل؟ - لنعود للمنزل ميار طلعت.
0 التعليقات 0 المشاركات 69 مشاهدة 0 معاينة
إعلان مُمول
إعلان مُمول
إعلان مُمول
I-Salers https://salers.inezgane.store